کد مطلب:90493 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:263

خطبة له علیه السلام (06)-فی وحدانیة اللَّه سبحانه و تعالی















روی عن نوف البَكالی قال: خطبَنا بهذه الخطبة أمیر المؤمنین علی علیه السلام بالكوفة و هو قائم علی حجارة نصبها له جعدة بن هبیرة المخزومی، و علیه مدرعة من صوف،

و حمائل سیفه لیف، و فی جبینه ثفنة من أثر السجود.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی لاَ یَمُوتُ وَ لاَ تَنْقَضی عَجَائِبُهُ، لِأَنَّهُ كُلَّ یَوْمٍ هُوَ فی شَأْنٍ[1] مِنْ إِحْدَاثِ بَدیعٍ لَمْ یَكُنْ.

اَلَّذی[2] لَمْ یُولَدْ فَیَكُونَ فِی الْعِزِّ مُشَارَكاً، وَ لَمْ یَلِدْ فَیَكُونَ مَوْرُوثاً هَالِكاً، وَ لَمْ تَقَعْ عَلَیْهِ الأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحاً مَاثِلاً، وَ لَمْ تُدْرِكْهُ الأَبْصَارُ فَیَكُونَ بَعْدَ انْتِقَالِهَا حَائِلاً.

اَلَّذی لَیْسَتْ لأَوَّلِیَّتِهِ نِهَایَةٌ، وَ لاَ لآخِرِیَّتِهِ حَدٌّ وَ لاَ غَایَةٌ.

اَلَّذی[3] لَمْ یَتَقَدَّمْهُ وَقْتٌ وَ لاَ زَمَانٌ، وَ لَمْ یَتَعَاوَرْهُ زِیَادَةٌ وَ لاَ نُقْصَانٌ، وَ لاَ یُوصَفُ بِ « أَیْنَ »، وَ لاَ بِ « مَا »، وَ لاَ بِمَكَانٍ.

اَلَّذی بَطَنَ مِنْ خَفِیَّاتِ الأُمُورِ، وَ[4] ظَهَرَ لِلْعُقُولِ بِمَا أَرَانَا[5] فی خَلْقِهِ[6] مِنْ عَلاَمَاتِ التَّدْبیرِ الْمُتْقَنِ، وَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ.

اَلَّذی سُئِلَتِ الأَنْبِیَاءُ عَنْهُ فَلَمْ تَصِفْهُ بِحَدٍّ، بَلْ وَصَفَتْهُ بِأَفْعَالِهِ، وَ دَلَّتْ عَلَیْهِ بِآیَاتِهِ، وَ لاَ تَسْتَطیعُ عُقُولُ الْمُتَفَكِّرینَ جَحْدَهُ، لأَنَّ مَنْ كَانَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ وَ مَا فیهِنَّ وَ مَا بَیْنَهُنَّ فِطْرَتَهُ، وَ هُوَ الصَّانِعُ

[صفحه 104]

لَهُنَّ، فَلا مَدْفَعَ لِقُدْرَتِهِ.

اَلَّذی بَانَ مِنَ الْخَلْقِ فَلاَ شَیْ ءَ كَمِثْلِهِ.

اَلَّذی خَلَقَ خَلْقَهُ لِعِبَادَتِهِ، وَ أَقْدَرَهُمْ عَلی طَاعَتِهِ بِمَا جَعَلَ فیهِمْ، وَ قَطَعَ عُذْرَهُمْ بِالْحُجَجِ، فَعَنْ بَیِّنَةٍ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَ عَنْ بَیِّنَةٍ[7] نَجَا مَنْ نَجَا، وَ للَّهِ الْفَضْلُ مُبْتَدَءاً وَ مَعیداً.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ، وَ لَهُ الْحَمْدُ، افْتَتَحَ الْكِتَابَ بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ، وَ خَتَمَ أَمْرَ الدُنْیَا وَ حُكْمَ الآخِرَةِ بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ: وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قیلَ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمینَ[8].

اَلْحَمْدُ للَّهِ اللاَّبِسِ الْكِبْرِیَاءَ بِلاَ تَجْسیدٍ، وَ الْمُرْتَدِی الْجَلاَلَ بِلاَ تَمْثیلٍ، وَ الْمُسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ بِلاَ زَوَالٍ، وَ الْمُتَعَالی عَنِ الْخَلْقِ بِلاَ تَبَاعُدٍ عَنْهُمْ، وَ الْقَریبِ مِنْهُمْ بِلاَ مُلاَمَسَةٍ مِنْهُ لَهُمْ.

لَیْسَ لَهُ حَدٌّ یُنْتَهَی إِلی حَدِّهِ، وَ لاَ لَهُ مِثْلٌ فَیُعْرَفُ بِمِثْلِهِ.

ذَلَّ مَنْ تَجَبَّرَ غَیْرُهُ، وَ صَغُرَ مَنْ تَكَبَّرَ دُونَهُ، وَ تَوَاضَعَتِ الأَشْیَاءُ لِعَظَمَتِهِ، وَ انْقَادَتْ لِسُلْطَانِهِ وَ عِزَّتِهِ، وَ كَلَّتْ عَنْ إِدْرَاكِهِ طُرُوفُ الْعُیُونِ، وَ قَصُرَتْ دُونَ بُلُوغِ صِفَتِهِ أَوْهَامُ الْخَلاَئِقِ.

اَلأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لاَ قَبْلَ لَهُ، وَ الآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لاَ بَعْدَ لَهُ، وَ الظَّاهِرُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ بِالْقَهْرِ لَهُ، وَ الْمُشَاهِدُ لِجَمیعِ الأَمَاكِنِ بِلاَ انْتِقَالٍ إِلَیْهَا.

لاَ تَلْمَسُهُ لاَمِسَةٌ، وَ لاَ تُحِسُّهُ حَاسَّةٌ، وَ هُوَ الَّذی فِی السَّمَاءِ إِلهٌ وَ فِی الأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكیمُ الْعَلیمُ[9].

أَتْقَنَ مَا أَرَادَ خَلْقَهُ مِنَ الأَشْیَاءِ كُلِّهَا لاَ بِمِثَالٍ سَبَقَ إِلَیْهِ، وَ لاَ لُغُوبٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فی خَلْقِ مَا خَلَقَ لَدَیْهِ.

إِبْتَدَأَ مَا أَرَادَ ابْتِدَاءَهُ، وَ أَنْشَأَ مَا أَرَادَ إِنْشَاءَهُ، عَلی مَا أَرَادَ مِنَ الثَّقَلَیْنِ: الْجِنِّ وَ الإِنْسِ، لِیَعْرِفُوا بِذَلِكَ رُبُوبِیَّتَهُ، وَ تَمَكَّنَ فیهِمْ طَاعَتُهُ[10].

فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِهِ خَلْقُ السَّموَاتِ مُوَطَّدَاتٍ بِلاَ عَمَدٍ، قَائِمَاتٍ بِلاَ سَنَدٍ، دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ

[صفحه 105]

طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ، غَیْرَ مُتَلَكِّئَاتٍ وَ لاَ مُبْطِئَاتٍ.

وَ لَوْ لاَ إِقْرَارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ، وَ إِذْعَانُهُنَّ لَهُ بِالطَّوَاعِیَةِ[11]، لَمَا جَعَلَهُنَّ مَوْضِعاً لِعَرْشِهِ، وَ لاَ مَسْكَناً لِمَلاَئِكَتِهِ، وَ لاَ مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّیِّبِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ خَلْقِهِ.

جَعَلَ نُجُومَهَا أَعْلاَماً یَسْتَدِلُّ بِهَا الْحَیْرَانُ فی مُخْتَلَفِ فِجَاجِ الأَقْطَارِ، لَمْ یَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِهَا ادْلِهْمَامُ سُجُفِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ، وَ لاَ اسْتَطَاعَتْ جَلاَبیبُ سَوَادِ الْحَنَادِسِ أَنْ تَرُدَّ مَا شَاعَ فِی السَّموَاتِ مِنْ تَلأْلُؤِ نُورِ الْقَمَرِ.

فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ یَخْفی عَلَیْهِ سَوَادُ غَسَقٍ دَاجٍ، وَ لاَ لَیْلٍ سَاجٍ، فی بِقَاعِ الأَرَضینَ الْمُتَطَأْطِئَاتِ،

وَ لاَ فی یَفَاعِ[12] السُّفْعِ الْمُتَجَاوِرَاتِ، وَ مَا یَتَجَلْجَلُ بِهِ الرَّعْدُ فِی أُفُقِ السَّمَاءِ، وَ مَا تَلاَشَتْ عَنْهُ بُرُوقُ الْغَمَامِ، وَ مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ تُزیلُهَا عَنْ مَسْقِطِهَا عَوَاصِفُ الأَنْوَاءِ، وَ انْهِطَالُ السَّمَاءِ، وَ یَعْلَمُ مَسْقَطَ الْقَطْرَةِ وَ مَقَرَّهَا، وَ مَسْحَبَ الذَّرَّةِ وَ مَجَرَّهَا، وَ مَا یَكْفِی الْبَعُوضَةَ مِنْ قُوتِهَا، وَ مَا تَحْمِلُ الأُنْثی فی بَطْنِهَا.

نَحْمَدُهُ بِجَمیعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا عَلی جَمیعِ نَعْمَائِهِ كُلِّهَا، وَ نَسْتَهْدیهِ لِمَرَاشِدِ أُمُورِنَا، وَ نَعُوذُ بِهِ مِنْ سَیِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، وَ نَسْتَغْفِرُهُ لِلذُّنُوبِ الَّتی سَلَفَتْ مِنَّا.

وَ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِیّاً دَالاً عَلَیْهِ، وَ هَادِیاً إِلَیْهِ،

فَهَدَانَا بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَ اسْتَنْقَذَنَا بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ. مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظیماً[13]،

وَ نَال ثَوَاباً كَریماً جَزیلاً، وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبیناً، وَ اسْتَحَقَّ عَذَاباً أَلیماً.

فَأَنْجِعُوا بِمَا یَحِقُّ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ، وَ إِخْلاَصِ النَّصیحَةِ، وَ حُسْنِ الْمُؤَازَرَةِ، وَ أَعینُوا عَلی أَنْفُسِكُمْ بِلُزُومِ الطَّریقَةِ الْمُسْتَقیمَةِ، وَ هَجْرِ الأُمُورِ الْكَریهَةِ. وَ تَعَاطَوُا الْحَقَّ بَیْنَكُمْ وَ تَعَاوَنُوا عَلَیْهِ،

وَ خُذُوا عَلی یَدَی الظَّالِمِ السَّفیهِ، وَ أْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ اعْرِفُوا لِذَوِی الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ.

عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِالْهُدی، وَ ثَبَّتَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَی التَّقْوی، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لی وَ لَكُمْ[14].

[صفحه 106]


صفحه 104، 105، 106.








    1. الرحمن، 29.
    2. ورد فی الكافی للكلینی ج 1 ص 109. و التوحید للصدوق ص 31. و مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 66.
    3. ورد فی الكافی ج 1 ص 109. و التوحید ص 31. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 66. و نهج السعادة ج 1 ص 568. و نهج البلاغة الثانی ص 19.
    4. بل. ورد فی نسخ النهج.
    5. یری. ورد فی الكافی ج 1 ص 109. و التوحید ص 31. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 66. و نهج السعادة ج 1 ص 568.

      و نهج البلاغة الثانی ص 19.

    6. ورد فی المصادر السابقة.
    7. بمنّه. ورد فی الكافی ج 1 ص 109. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 66. و نهج البلاغة الثانی ص 19.
    8. الزّمر، 75.
    9. الزخرف، 84.
    10. ورد فی الكافی ج 1 ص 141. و التوحید ص 31. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 66. و نهج السعادة ج 1 ص 568. و نهج البلاغة الثانی ص 19. باختلاف یسیر.
    11. بالطّاعة. ورد فی
    12. بقاع. ورد فی نسخة نصیری ص 105. و نسخة عبده ص 389. و نسخة العطاردی ص 217 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند. و عن نسخة موجودة فی مكتبة مدرسة نواب فی مدینة مشهد.
    13. الأحزاب، 71.
    14. ورد فی الكافی ج 1 ص 142. و التوحید ص 33. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 67. و نهج السعادة ج 1 ص 572. و نهج البلاغة الثانی ص 21. باختلاف یسیر.